هل اضطراب الشخصية الحدية مرض عقلي خطير؟ وكيف يمكن علاجه؟

يمر الشخص المصاب باضطراب الشخصية الحدية بتقلبات مزاجية مستمرة؛ قد يشعر بالسعادة والإحباط في نفس اللحظة ولا يرجع ذلك لمشاعره أو علاقته بمن حوله فقط ولكن هو شعور غريب بالإنفصال عن الذات وفهم مشاعره أو الوعي بذاته. قد تتغير أهدافه وصورته عن نفسه بشكل مستمر، لا يمكنه تحديد حبه أو كره تجاه شخص أو شيء معين ما يضعه في حالة ارتباك وتوتر دائم. إذا هل اضطراب الشخصية الحدية مرض عقلي؟ سنناقش اليوم أسبابه وكيف يتم تشخيصه والعلاج الأنسب لحالة المريض. 

ما هو اضطراب الشخصية الحدية؟ 

اضطراب الشخصية الحدية مرض عقلي ونوع من اضطراب الشخصية يواجه من خلاله الشخص صعوبة في معالجة أو إدارة عواطفه. ويمكن أن يسبب شعور دائم بعدم الاستقرار وانعدام الأمن نتيجة تغيير مزاج وسلوك المريض بسرعة استجابة لأي ضغط.

من هم الأكثر عرضة لاضطراب الشخصية الحدية؟

معظم الأشخاص المصابين باضطراب الشخصية الحدية تتجاوز أعمارهم  18 عام. وذلك لأن معظم اضطرابات الشخصية تبدأ في سن المراهقة بينما تنمو و تتطور شخصية الفرد. 

يمكن أن يصاب أي شخص بالشخصية الحدية ولكن أظهرت الابحاث أنه أكثر شيوعا في العائلات التي لديها تاريخ مرتبط بالإصابة باضطراب الشخصية الحدية. قد يعاني من أيضا الأشخاص الذين يمرون بحالات نفسية أخرى مثل القلق أو الاكتئاب أو اضطرابات الأكل.

سبب اضطراب الشخصية الحدية 

اضطراب الشخصية الحدية مرض عقلي ناتج عن عدة عوامل:

صدمات مرحلة الطفولة

حوالي 70٪ من الأشخاص المصابين باضطراب الشخصية الحدية تعرضوا للإيذاء الجنسي أو العاطفي أو الجسدي خلال مرحلة الطفولة. انفصال الأم عن أطفالها، ضعف الترابط الأسري أو  إدمان أحد أفراد الأسرة يعتبر سببا في تطوير اضطراب الشخصية الحدية لدى البعض.

الوراثة: أثبتت الدراسات أن اضطراب الشخصية الحدية مرض عقلي يظهر بشكل كبير في بعض العائلات في حالة كان أحد أفراد الأسرة يعاني منه.  

تغيرات الدماغ: اضطراب الشخصية الحدية خطير حيث تحدث الكثير من الأشياء المعقدة داخل أدمغة المصابين. إذا كنت مصاب باضطراب الشخصية الحدية فعقلك في حالة تأهب قصوى مع شعور دائم  بالخوف والتوتر دون سبب حقيقي.

بسبب ذلك قد يرى البعض أن اضطراب الشخصية الحدية مرض عقلي مستحيل علاجه. ماذا يمكنك أن تفعل إذا كان عقلك يعمل بشكل مختلف خارج عن ارادتك؟ لكن الخبر السار هو قدرتك على تغيير طريقة تفكيرك.

أعراض اضطراب الشخصية الحدية

الخوف من العزلة والهجر. 

اضطراب الشخصية الحدية مرض عقلي يشعر بسببه الأشخاص بالخوف الزائد من التخلي عنهم. ويسيطر هذا القلق عليهم في أبسط الأمور مثل تأخر أحد أفراد الأسرة أو السفر في عطلة نهاية الإسبوع. وفقا لذلك يبدي المريض ردود فعل مبالغ فيها تصل إلى الإنهيار والتوسل وأحيانا الغضب والخلاف حتى تتحقق المخاوف ويبدأ الآخرين في البعد عنه بسبب سلوكه المعادي والغير طبيعي.

علاقات غير مستقرة

يكون الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية الحدية علاقات قوية لا تدوم طويلا. وربما يؤثر هذا على حياتهم العاطفية معتقدين أن أي شخص جديد هو شريك الحياة المثالي والأمل في بناء حياة سعيدة وللأسف يتبدل الحال بسرعة إلى خيبة أمل في كل مرة. بالنسبة لهم العلاقات إما مثالية أو سيئة للغاية وذلك بسبب تأخر النضج الاجتماعي وتقبلهم للآخرين. 

انطباع خاطئ عن النفس

اضطراب الشخصية الحدية مرض عقلي يؤثر على احساس الشخص تجاه ذاته فتارة يشعر بالرضا وتارة أخرى يشعر بالغضب والكره.  يعاني الشخص في تعريف ذاته والتعبير عن هويته وهدفه. نتيجة ذلك يغير المريض عمله، علاقاته، قيمه وأحيانا معتقداته الدينية وهويته الجنسيه ما يزيد حالته سوءا.

الاندفاع وتدمير الذات

 قد يطور المريض سلوكيات ضارة خاصة إذا كان منزعجا من أمر ما. من ضمن السلوكيات الخاطئة والتي تجعل من اضطراب الشخصية الحدية مرض عقلي خطير؛ إنفاق المال بتهور أو الإفراط في تناول الطعام  أو قيادة سيارتك بسرعة عالية أو السرقة متجر  وأحيانا يتطور هذا السلوك إلى الإدمان وتعاطي المخدرات. تشعر هذه السلوكيات المحفوفة بالمخاطر  المريض بتحسن مؤقت ونشوة زائفة تؤذيه ومن حوله على المدى الطويل.

إيذاء النفس

يعاني بعض المرضى من اضطرابات الشخصية الحدية والاكتتئاب معا وينتج عن ذلك سلوك انتحاري وإيذاء نفس متعمد. قد يهدد مريض الشخصية الحدية من حوله بالانتحار وفي كثير من الأحيان يقدم المرضى على الانتحار؟ لذلك اضطراب الشخصية الحدية مرض عقلي يحتاج إلى تدخل نفسي مباشر وفوري لضمان سلامة وأمان المريض والبيئة المحيطة به. 

تقلبات مزاجية شديدة

التقلبات المزاجية والمشاعر غير المستقرة أمر شائع للغاية ومن أبرز أعراض الشخصية الحدية. قد يشعر المريض بالسعادة في لحظة، وفي اللحظة التالية يشعر باليأس لذلك اضطراب الشخصية الحدية مرض عقلي خطير. الأشياء والمواقف الصغيرة التي يتجاهلها الآخرون يمكن أن تغير مزاجهم ومشاعرهم في لحظة. أثر هذه التقلبات المزاجية قوي لكنه يمر  وسرعان ما ينساه الشخص خلال دقائق أو بضع ساعات (بخلاف التقلبات العاطفية المصاحبة للاكتئاب أو اضطراب ثنائي القطب).

شعور مزمن بالفراغ الداخلي

يشعر الأشخاص الذين تم تشخيصهم باضطراب الشخصية الحدية بإحساس دائم بالفراغ الداخلي وكأن مشاعرهم توقفت عن الاستمتاع بالحياة ويختفي شعور الرضا عندهم لتصبح الحياة بلا معنى. 

غضب 

اضطراب الشخصية الحدية مرض عقلي من أبرز أعراضه الغضب الشديد الذي قد يصعب التحكم فيها ما يؤدي إلى انهيار عصبي ونوبات غضب مدمرة تؤذي المريض ومن حوله.

الانفصال عن الواقع

جنون العظمة وتحريف دوافع وتصرفات الآخرين أحد الأعراض الناجمة عن اضطرابات الشخصية الحدية. 

كيف يتم تشخيصه؟

شخصيتنا في تطور ونمو مستمر بداية من الطفولة وحتى نهاية مرحلة المراهقة، لذلك لا يقوم الأطباء النفسيين بتشخيص مرض اضطراب الشخصية الحدية مرض عقلي إلا بعد سن 18. في بعض الأحيان، يتم تشخيص المرضى الأقل من  18 عاما باضطراب الشخصية الحدية إذا زادت حدة الأعراض واستمرت لعام فأكثر.

قد يصعب تحليل وفحص اضطرابات الشخصية بما في ذلك اضطراب الشخصية الحدية لأن معظم الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية غير مقتنعين بوجود اضطرابات سلوكية أو مشاكل فكرية متعلقة بتصرفاتهم.

يلجأون للمساعدة فقط  بسبب أعراض مثل القلق والاكتئاب والعلاقات الغير مستقرة، بينما يمروا بحالة مستمرة من إنكار للذات ورفض تشخيصهم بهذا الاضطراب.

يستطيع كل من الطبيب النفسي أو الأخصائي النفسي أو الأخصائي الاجتماعي الإكلينيكي  تشخيص اضطراب الشخصية الحدية وفقا لمعايير التشخيص التابعة للجمعية الأمريكية للطب النفسي.

ويتم ذلك من خلال استشارة أو جلسة أولية مع الشخص لمناقشة الأعراض. يبدأ الطبيب أو الأخصائي بطرح عدة أسئلة لمعرفة ما إذا كان اضطراب الشخصية الحدية مرض عقلي يؤثر حقا على حالته النفسية والعقلية. تدور الأسئلة حول:

• التاريخ الطبي الشخصي وتاريخ العائلة الطبي (مع التركيز على الصحة العقلية).

• تاريخ العمل.

• التحكم في ردود الفعل.

غالبا ما يعمل أخصائي الصحة العقلية أو الطبيب النفسي مع عائلة الشخص وأصدقائه لجمع المزيد من الأفكار حول سلوكه.

علاج اضطرابات الشخصية الحدية

لطالما شكل علاج اضطراب الشخصية الحدية تحديا بالنسبة للباحثين والأطباء. ولكن مع التقدم في المجال الطبي وتطوير أساليب حديثة و أدوية لعلاج اضطراب الشخصية الحدية تحسنت حالة المرضى كثيرا وقلة حدة الأعراض التي تعيق سير حياتهم بشكل طبيعي.

نظرا لأن اضطراب الشخصية الحدية مرض عقلي خطير يتطلب العلاج وقت والتزام. ربما يقترح الطبيب خيار العلاج داخل مصحة لفترة قصيرة إذا كانت حالة المريض تعرض حياته وحياة من حوله للخطر.  في الغالب يعاني مرضى اضطراب الشخصية الحدية من حالات وأمراض نفسية أخرى مثل:

• اضطرابات المزاج 

• اضطرابات القلق 

• الإدمان

• اضطرابات الأكل

• اضطراب نقص الانتباه

• اضطراب ثنائي القطب 

• الاضطرابات الجسدية

قد يطبق الطبيب العلاج النفسي أو الدوائي أو كليهما. العلاج النفسي هو الأنسب لاضطرابات الشخصية الحدية. الهدف منه مساعدة الطبيب في الكشف عن الدوافع والمخاوف المرتبطة بأفكار وسلوك المريض. تشمل أنواع العلاج التي تساعد في علاج اضطراب الشخصية الحدية ما يلي:

العلاج السلوكي الجدلي (DBT)

تم تطوير هذا العلاج النفسي بشكل خاص لمساعدة مرضى اضطراب الشخصية الحدية في قبول واقع حياتهم وسلوكياتهم  بالإضافة إلى تغيير حياتهم للأفضل كل ذلك من خلال السيطرة على المشاعر  والقضاء على السلوكيات المدمرة للذات.

العلاج السلوكي المعرفي (CBT)

اضطراب الشخصية الحدية مرض عقلي ينفصل فيه المرء عن ذاته ويعيش حالة من التوهم. بفضل هذا العلاج  يتمكن المرضى من فهم أفكارهم وتأثيرها على السلوك.  يمكن التخلص من الأفكار والسلوكيات السلبية وتعلم أنماط وعادات تفكير صحية من خلال العلاج المعرفي السلوكي.

العلاج الجماعي

يجتمع مجموعة من الأشخاص تحت إشراف معالج أو أخصائي نفسي لوصف ومناقشة مشاكلهم معا. قد يساعد العلاج الجماعي الأشخاص المصابين باضطراب الشخصية الحدية على التفاعل مع الآخرين بإيجابية والتعبير عن أنفسهم.

العلاج بالأدوية 

لا يصف مقدمو الرعاية الصحية الأدوية كعلاج رئيسي لاضطراب الشخصية الحدية نظرا لعدم وضوح فعالية الادوية الموصوفة في علاج أعراض الشخصية الحدية.

ولكن في بعض الحالات يفضل الطبيب النفسي الأدوية لعلاج أعراض معينة أو الحالات النفسية المصاحبة لاضطرابات الشخصية الحدية. قد تعالج الأدوية القلق والاكتئاب أو تتحكم في تقلبات المزاج أو تسيطر على السلوك الاندفاعي. من ضمن الأدوية الموصوفة مضادات للذهان التي تساعد المصابين باضطراب الشخصية الحدية في عيش حياة متزنة.

اضطراب الشخصية الحدية مرض عقلي كغيره من حالات الصحة العقلية، وبالتالي كلما كان التدخل الطبي أسرع كلما قلة حدة الأعراض ليعيش المريض حياة طبيعية في أسرع وقت ممكن. يضع الطبيب النفسي خطط علاجية مختلفة حسب حالة كل مريض للتحكم في اضطرابات الشخصية الحدية.

غالبا ما يعاني أفراد الأسرة والدائرة المحيطة بالمريض من التوتر والاكتئاب والحزن والعزلة. لذا إذا كنت قريب من شخص يمر باضطرابات الشخصية الحدية اهتم بصحتك العقلية واطلب المساعدة إذا كنت تعاني من هذه الأعراض. يمكنك التواصل مع أخصائي الصحة النفسية عبر موقعنا إسأل لحجز استشارة فورية من أي مكان.

يُمكنك الآن استشارة خبرائنا المعتمدين بشأن العلاج النفسي ، من خلال حجز أونلاين بسرية تامة وبسعر مناسب، اضغط هنا لحجز الجلسة.